الحلقة الأولى:
تتوالى الأحداث والتغيرات من حولنا، وتسير الحياة بسرعة خيالية فيصعب على عقولنا إدراك كلّ ما يدور من حولنا، ونحتار في كيفية التفاعل مع متغيرات الحياة حتى ثوابتنا باتت في خطر، وأصبحت موضع تشكيك وتساؤل بعد أن كانت مُسلّمات ومرجعيات نحتكم إليها ونقيس الأمور وفقها، ففي كل يوم قضية جديدة يحوّلها العقل لإشكالية ويحاول فهمها من خلال ما يؤمن به، ومن هنا يبدأ البحث عن الحلول في البحوث والمؤلفات والكتب..
بعيداً عن الحلول المرتجلة، التي لا تغوص في عمق القضايا وتفهم أبعادها، فيقوم العلماء والمتخصصون بدراسة هذه الإشكاليات والتساؤلات ويتعبون في البحث والتفكير ثم يدوّنون خلاصة نتائج أبحاثهم التي فيها مفاتيح حلول المشاكل والتساؤلات في كتبهم طبعاً بحسب اجتهاداتهم ووجهات نظرهم.
وكثيراً ما ندخل المكتبات أو معارض الكتب فنصاب بالإحباط، لأننا نشتهي معرفة ما تحتويه هذه المكتبات من علوم ومعارف وأفكار، لكن ذلك يحتاج إلى مال قارون وعمر سيدنا نوح وصبر سيدنا أيوب (عليهم السلام) حتى تستطيع قراءة بعض ما يستهوينا من كتب ومواضيع فضلاً عن نحيط بما أنتجته البشرية من كتب وأفكار ومعلومات.. من هنا جاءت فكرة برنامج (خلاصة كتاب).
لماذا الكتب؟
للاستفادة من أهم ثمار العقول فالكاتب يكتب أهم مكتشفاته ومعلوماته وأفكاره، فالكتابة تنظّم الأفكار وترتّبها وتنضجها، كما أنّ الكتابة تظهر الأفكار على حقيقتها دون اغترار باكتمال ما لم يكتمل منها، فيما لو بقيت الفكرة بالرؤوس أو تمّ تداولها شفهياً فقط.. فأحياناً نحتاج إلى تقسيم المشكلة وتحليلها إلى أجزاء حتى نستطيع الإحاطة بها.. ومناقشة كل جزء على حِدة، وهذا يكون صعباً إذا لم نكتب شيئاً واقتصرنا على التفكير فقط أو النقاش الشفهي، بل ربما يكون مستحيلاً في الموضوعات الطويلة والكثيرة التفريع، فالكتابة تجعل الكاتب يتفرّغ للبحث والتفكير الدقيق في كل كلمة وجملة وفقرة، لذلك الكتابة هي أفضل ما ينتجه العالم من أعمال.
والكتابة أفضل اختراع بشريّ، وهذا سر قوله تعالى: (الذي علم بالقلم) من الذي علم الله ما هي وسيلة التعليم القلم فللقلم وحيه وهدايته وتوفيقه، والكاتب يتعلّم بالكتابة قبل القارئ، ومن يمارس الكتابة والتأليف يدرك ما أقول تماماً.
وكما قيل: الكتاب هو المعلم الذي يعلِّم بلا عصا ولا كلمات ولا غضب، بلا خبزٍ ولا ماء، وإن دنوت منه لا تجده نائماً، وإن قصدته لا يختبىء منك، وإن أخطأت لا يوبخك، وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك”؛ والكتب مرشدة في الصغر، وتسلية في الكبر، ومُؤنسة في العزلة.
لكن أحياناً يصعب معرفة الكتب المناسبة للتحديات التي نواجهها والأسئلة والإشكالات التي نحتاج فيها لأجوبة شافية، وملخصات الكتب تدلنا على ما نحتاجه.
لا أريد الاستطراد في ذكر أهمية ملّخصات الكتب، ففي الحلقة القادمة سأذكر 20 سبباً يدعونا لإدمان مشاهدة ملّخصات الكتب، فانتظروا الحلقة ففيها معلومات مفيدة جدا إن شاء الله.
برنامج (خلاصة كتاب)، وهي فكرة ليست جديدة، فهناك برامج ومقالات كثيرة تلخّص الكتب، لكن أغلبها -حسب اطلاعي- كتب تنمية بشرية وما يتعلق بالإنجاز والنجاح وتحقيق السعادة وهنا أنا لست ضد التنمية البشرية لأنه عنوان كبير يحوي تحته المفيد النافع وكما يحوي المبالغات والخرافات، وقد تحدثت عن التنمية البشرية بحلقة خاصة في برنامجي بصراحة تحت عنوان (شكراً للتنمية البشرية).
إذن أغلب ملخصات الكتب تتناول كتب الالتنمية البشرية وتعلُّم المهارات، وبالمقابل لم أجد من تخصّص بعرض وتلخيص الكتب الفكرية، فأردتُ أن أسدّ هذا الثغر، فشبابنا طامحون لمعرفة آراء المفكرين وأهم أطروحاتهم الإصلاحية، ليقتبسوا منها حلولاً وأفكاراً تفيد في نهضة أمتنا وإصلاح أحوالنا إن شاء الله.
سيساعدنا البرنامج في:
سيساعدنا البرنامج في معرفة الكتب التي تهمنا وتلبي احتياجاتنا، كما سيمكننا -بأقل جهد- من معرفة أهمّ أفكار تلك الكتب والإشكالية الرئيسة التي يعالجه الكتاب..
فربما يشتري أحدنا كتابا أو يُهدى إليه ويبقى زماناً والكتاب على الرف يتشوق لوقت حتى يطّلع على أفكاره وربما لا يستطيع، فيأتي الملخّص ويعرض علينا أهم أفكار الكتاب.
وبالتالي يُمكّننا البرنامج من اختيار ما نحتاج إلى قراءته كاملاً، وما لا يفيدنا كثيراً، فالاطلاع على الملخص يسهّل علينا عملية انتقاء الكتب ويختصر علينا الأوقات.
كما سنتعرّف على المؤلفين والعلماء والمفكرين والقضايا التي اهتموا بها، وطريقة معالجتهم لتلك القضايا.
البرنامج فرصة مهمة للاطلاع على مجموعة كبيرة من أهم الكتب وذلك في مجالات الفكر المتنوعة، من قضايا فهم الدين، إلى قضايا السياسة وفهم الواقع، إلى قضايا الأسرة والتربية والعلاقات الاجتماعية والعلوم الإنسانية وغيرها الكثير بإذن الله تعالى.
هل يغني الملخص عن الكتاب الأصلي؟
وهنا يأتي سؤال مهم: هل يغني سماع الملخص عن الكتاب الأصلي أم لا؟
إخواني أخواتي: الملَخّص يعطينا فكرة عن أهم الأفكار ويبين لنا أنه يهمنا أو لا يهمنا، وإلا قبل أن نأخذ فكرة عن الكتاب كيف سنعرف أنّ هذا الكتاب يهمنا أم لا يهمنا؟
وسواء كان الملخص كافياً أم غير كافٍ فالاطلاع عليه مهم وضروري، لأن الملخص الكافي يوفّر علينا الوقت ونكتفي به، والملخَّص غير الكافي للكتاب يحضّنا ويشجّعنا على قراءة الكتاب كلّه (إن كان الكتاب يهمنا طبعاً).
للأمانة بعد سماعنا لملخص كتاب ما ورأينا أهمية الكتاب الشديدة لنا علينا قراءته كلّه، فالملّخص من الصعب جداً أن يحيط بكل أفكار الكتاب، لأنّ الملخّص عادة يكون لأهم الأفكار وليس لكل الأفكار، ثم إن قراءة نفس الكتاب يزيد وضوح الأفكار ويعطينا تفاصيلها ويعطينا تطبيقاتها، ويبيّن لنا الحجج والمقدّمات والأسباب التي بنى عليها المؤلف استنتاجاته، مما يتيح لنا نقدها أو تعديلها أو توليد غيرها أو البناء على نفس المقدمات والخروج بنتائج أخرى أو الوصول لنفس النتائج لكن بخطوات منهجية أفضل من مقدمات الكاتب..
ثم إنّ العيش بين صفحات الكتاب فيه متعة الإبحار مع المؤلف في رحلته الفكرية التي وصل بها في النهاية إلى نتائجه.
ولماذا نحصر أنفسنا بخيارين (إما هذا وإما هذا) لماذا لا نفكر بعقلية (هذا وهذا)، فمن يمنعنا من مشاهدة الملّخص وقراءة نفس الكتاب، لو شعرنا بحاجتنا للاطلاع على الكتاب؟!
فكما بيّنا سابقاً الملخص يفيدنا جداً لو شاهدناه قبل الشروع بقراءة الكتاب نفسه.
شكل البرنامج:
(خلاصة كتاب) سيُقدم تلخيصات الكتب بطريقة مرئية ومسموعة جميلة، وسيكون هناك تأثيرات مرئية وصور توضيحية من تشجير وتعداد، كل هذا سيساعدنا على توضيح الأفكار من جهة، ويمنحنا متعة المشاهدة من جهة أخرى.