كثيرون منا عنده (شِرك الحُكْم) فيعتقد أن كل مشاكلنا ستنتهي باستلام (جماعتنا) والحقيقة الصادمة أن مشاكلنا الحقيقية ستبدأ وقتها!!
مشاكلنا ستبدأ عندما نستلم الحكم: لأن الحكم يحتاج دراسات وتخطيطاً وإدارة وكفاءات وموارد ووعي شعبي يساعد الحكومة..
بعضنا يظن النموذج الراشد لحكم الدولة المعاصرة جاهز مكتوب، وخططه التنفيذية تنتظر من ينقلها للتطبيق!!
كونُ إسلامنا العظيم شاملٌ في هدايته لكلّ مجالات الحياة شيءٌ، وقدرتُنا على تنزيله على أرض الواقع في كل مجالات الحياة) شيء آخر تماماً..
من الحقائق المؤلمة أننا إلى الآن لم ننجز (نظرياً) نظام حكم إسلامي قابل للتطبيق في الدولة المعاصرة!!
والأدهى من هذا أننا لا نعترف بذلك!!
وإذا قلنا لإخواننا: تعالوا نستورد أفضل ما عند القوم من أنظمة الحكم. (على الرغم أن الديمقراطية منتج إنساني وليس غربيا بحتاً) قالوا: عندنا ما يكفينا..
أرجوكم أخرجوه من (الموجود بالقوة) أي من (قابلية الوجود) إلى (الموجود بالفعل) أي (الوجود الحقيقي)..
نعم نحن ننتسب لدين قابلٍ لإبداع أفضل النظريات، لكننا كُسالى، فالله تعالى أنزل لنا مبادئ هادية في نظام الحكم، لو أعملنا نظرنا فيها لاستخرجنا أفضل الأنظمة، لكننا نكسل عن الاجتهاد.. ونرفض التبعية.. كالفقير المتكبِر!!
كما أن عندنا مشكلة مع من يريد استيراد كلّ شيء من الغرب دون مراعاة لهوية المجتمع وثقافته وخصوصياته..
لكن حديثنا الآن حديث داخل البيت الإسلامي..
بعض الفضلاء يعتقد أنه بمجرد إعلان الحكم الإسلامي ستختفي الكثير من المشاكل.. هيهات هيهات.. الشعارات تدغدغ العواطف، ولا تغيّر الواقع البائس..
تغيير الواقع يحتاج برامج وخطط تعليمية وصحية وبيئية واجتماعية وسياسية واقتصادية..
يحتاج إلى تنمية اقتصادية ومشاريع حيوية تنهض بالبلاد، وتُرضي العباد، فالناس تحتاج إلى من يرعى دنياها، ويؤمّن حاجاتها..
وعصرنا ارتفعت فيه المعايير فالكماليات أضحت ضروريات.. ولو أخلّت بها الحكومة فهي تضرب مستقبلها في الاستمرار في حكم البلاد.
كما نحتاج لحُسْن إدارة الهويات المختلفة في المجتمع (العرقية والدينية والمذهبية) بما يكفل رضاها وفاعليتها ومشاركتها في إدارة البلاد، وعدم تهميشها مما يحولها إلى مصادر إزعاج وإعاقة وقلاقل وقنابل موقوتة ومعارضة خفية..